Tuesday, November 3, 2015

«مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي , مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟

هذا جزء من بحث كتبته و لم أكمله في الرد على من طعن على معاوية رضي الله عنه و فيه مناقشة هذا الحديث و طرقه و أقوال العلماء فيه :
((حديث من سب علي فقد سبني فقد ذكره كثير من العلماء وحسنه بعضهم وضعفوا زيادة (ومن سبني ......)و هذا تفصيله و أغلبهم يرويه من مسند أحمد ومن رواية الحاكم رحمهما الله و هذا نصه في المسند حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لِي: أَيُسَبُّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ، أَوْ سُبْحَانَ اللهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ سَبَّ عَلِيًّا، فَقَدْ سَبَّنِي "
قال المحقق شعيب الأرناؤوط " إسناده صحيح، أبو إسحاق السَّبيعي - وإن اختلط - فإن رواية إسرائيل عنه في غاية الإتقان للزومه إياه. ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله الجَدَلي - واسمه عبد بن عبد، وقيل: عبد الرحمن بن عبد - فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي في "فضائل الصحابة"، وهو ثقة. إسرائيل: هو ابنُ يونُس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه الحاكم 3/121 من طريق يحيى بن أبي بُكير، بهذا الإسناد.
وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابنُ أبي شيبة 12/76-77، والطبرني في "الكبير" 23/ (737) من طريق فطر بن خليفة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله الجَدَلي قال:
قالت لي أمُّ سَلَمة: يا أبا عبد الله، أَيُسَبُّ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكم، ثم لا تغيّرون؟
قلت: ومن يَسُبُّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: يُسَبُّ عليّ ومَن يحبُّه، وقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحبُّه. وفطر بن خليفة ثقة، لكن لا يعرف سماعه من أبي إسحاق أقبل اختلاطه أم بعده؟
وأخرجه الحاكم 1/121 من طريق بُكير بن عثمان البجلي، عن أبي إسحاق، به. وفيه قصة، وزاد في آخره: "ومن سبَّني فقد سبَّ الله تعالى".
وبكير بن عثمان مجهول، تفرَّد بالرواية عنه جندل بن والق.
وأخرجه أبو يعلى (7013) ، والطبراني في "الكبير" 23/ (738) ، وفي "الصغير" (822) من طريق السُّدِّي، عن أبي عبد الله الجَدَلي، به، بمثل رواية فطر بن خليفة السالفة. والسُّدِّي: هو إسماعيل بن عبد الرحمن، حسن الحديث. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (346) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أخي زيد بن أرقم، قال: دخلتُ على أمِّ سَلَمة ... فذكر الحديث مثل سابقه. وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.
وفي الباب عن عمرو بن شاس، سلف مطولاً برقم (15960) وفيه: "من آذى علياً فقد آذاني ". وبمثل هذا اللفظ عن سعد بن أبي وقاص عند البزار (6562) "زوائد"، وأبي يعلى (770)
<<مسند الإمام أحمد ج44 ص328 ط مؤسسة الرسالة >>
قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية : قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْكُوفِيُّ ثَنَا ابْنُ أَبِي عتبة عَنْ أَبِيهِ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عمير قال: «دخلت مع أبى عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ عَلِيٍّ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، وَلَا امْرَأَةً كَانَتْ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ امْرَأَتِهِ» وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشِّيعَةِ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ بِهِ. (حَدِيثٌ آخَرُ) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بكر ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عبد الله الجدلي البجلي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لِي: أَيُسَبُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكُمْ؟ فَقُلْتُ مَعَاذَ اللَّهِ- أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي» وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ عِيسَى بن عبد الرحمن البجلي من بجيلة مِنْ سُلَيْمٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله البجلي قال: «قالت لي أم سلمة أيسب رسول الله فِيكُمْ عَلَى الْمَنَابِرِ؟ قَالَ: قُلْتُ وَأَنَّى ذَلِكَ؟ قَالَتْ: أَلَيْسَ يُسَبُّ عَلِيٌّ وَمَنْ أَحَبَّهُ؟ فَأَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّهُ» وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِهَا وَحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ: «كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُكَ» وَلَكِنَّ أَسَانِيدَهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا (حَدِيثٌ آخَرُ) قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ «أَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ إِنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» ورواه أحمد عن ابن عمير وَوَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الحربي وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَمُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ وأخرجه مسلم في صحيحه عن ورواه غسان بْنُ حَسَّانَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثابت عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَهُ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَلِيٍّ. وَهَذَا الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
<<البداية والنهاية ج7ص354 و قد ذكرت هذا النص بتمامه حتى لا يقال هذا المؤلف الأموي لأنه ضعف حديث من سب علي ..... فقد ذكر أحاديث أخرى صحيحة >>

والحديث أيضا في السلسلة الضعيفة للألباني حديث رقم 2310
وهذا نصه ((" من سب عليا فقد سبني، ومن سبني سبه الله ".
منكر
رواه ابن عساكر (12/203/1) عن إسماعيل بن الخليل عن علي بن مسهر عن أبي إسحاق
السبيعي قال:
حججت وأنا غلام، فمررت بالمدينة، فرأيت الناس عنقا واحدا، فاتبعتهم، فأتوا
أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعتها وهي تقول: يا شبيب بن
ربيع! فأجابها رجل جلف جاف: لبيك يا أمه! فقالت: أيسب رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ناديكم؟ فقال: إنا نقول شيئا نريد عرض هذه الحياة الدنيا،
فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وإسماعيل بن الخليل ثقة من رجال الشيخين، وقد خولف في إسناده، فرواه
أبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي " (ص 52 - 53) من طريق أحمد، وهذا في
" المسند " (6/323) : حدثنا يحيى بن أبي بكر قال: حدثنا إسرائيل عن أبي
إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي قال:
دخلت على أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أيسب ... الحديث. دون
قوله: " ومن سبني سبه الله ".
ورواه الحاكم (3/121) بسند أحمد مثل رواية ابن عساكر، وقال:
" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.
قلت: وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن أبا إسحاق السبيعي كان اختلط، لا يدري أحدث به قبل الاختلاط أن
بعده، والراجح الثاني، لأن إسرائيل - وهو ابن يونس بن أبي إسحاق - وهو
حفيد السبيعي إنما سمع منه متأخرا. ولعل من آثار ذلك اضطرابه في إسناده
ومتنه.
أما الإسناد؛ فظاهر مما تقدم، فإنه في رواية إسرائيل جعل بينه وبين أم سلمة
(أبا عبد الله الجدلي) ، وفي رواية إسماعيل بن الخليل صرح بأنه سمع من أم
سلمة! إلا أن يكون سقط من " التاريخ " ذكر (الجدلي) هذا.
وأما المتن؛ فقد رواه فطر بن خليفة عنه عن الجدلي عن أم سلمة موقوفا دون
الشطر الثاني منه.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/322 - 323) .
وفطر هذا ثقة من رجال البخاري، وروايته هي المحفوظة، لأن لها طريقا أخرى عن
أم سلمة، وقد خرجتها في " الصحيحة " (3332) .
الثاني: أن أبا إسحاق مدلس، وقد عنعنه.
(تنبيه) : يبدو من رواية أحمد أن في رواية ابن عساكر سقطا، فإنه لم يرد فيها
ذكر لأبي عبد الله الجدلي، فالظاهر أنه سقط من الناسخ. والله أعلم.
انتهى كلامه .
وهذا الحديث أيضا عند النسائي في السنن الكبرى وعند الحاكم و في الشريعة للآجري و عند أحمد وصحح الألباني في الصحيحة ((من سب عليا فقد سبني ))
وفي مرقاة المصابيح ط دار الفكر ج9 ص3942 حديث رقم ((
6101 - (ضَعِيف)
وَعَنْهَا
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي» . رَوَاهُ أَحْمد

ـــــــــــــــــــــــــــــ
6101 - (وَعَنْهَا) ، أَيْ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (" مَنْ سَبَّ عَلِيًّا ") ، أَيْ: مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ (" فَقَدْ سَبَّنِي ") أَوْ مَنْ شَتَمَ عَلِيًّا فَكَأَنَّهُ شَتَمَنِي، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ سَبُّ عَلِيٍّ كُفْرًا، أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) . وَكَذَا الْحَاكِمُ))
__________________
إن الروافض شر من وطئ الحصى ــــــ من كل إنس ناطق أو جان 
( أبو محمد الأندلسي القحطاني )
 ]
السؤال
هناك حديث في صحيح مسلم بأن معاوية بن أبي سفيان يطلب من سعد بن أبي وقاص أن يسب أبا تراب أي علي بن أبي طالب. هل لكم أن توضحوا لنا هذا الحديث وكيف استلم معاوية الخلافة، علما بأنه كان هناك الكثير من خيرة صحابة النبي من هم أولى منه وأعلم وأعلى مكانة ؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما هذا الحديث فثابت بلا شك، وقد رواه مسلم في صحيحه، ولفظه: عن عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي».
وقد تأول العلماء هذا الحديث على محامل حسنة.
قال النووي رحمه الله: قول معاوية هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ أَمَرَ سَعْدًا بِسَبِّهِ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ السَّبَبِ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ السَّبِّ كَأَنَّهُ يَقُولُ: هَلِ امْتَنَعْتَ تَوَرُّعًا أَوْ خَوْفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ تَوَرُّعًا وَإِجْلَالًا لَهُ عَنِ السَّبِ فَأَنْتَ مُصِيبٌ مُحْسِنٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَهُ جَوَابٌ آخَرُ، ولَعَلَّ سَعْدًا قَدْ كَانَ فِي طَائِفَةٍ يَسُبُّونَ فَلَمْ يَسُبَّ مَعَهُمْ، وَعَجَزَ عَنِ الْإِنْكَارِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ هَذَا السُّؤَالَ. قَالُوا: وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا آخَرَ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخَطِّئَهُ فِي رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتُظْهِرَ لِلنَّاسِ حُسْنَ رَأْيِنَا وَاجْتِهَادِنَا وَأَنَّهُ أَخْطَأَ قَوْلُهُ. انتهى.
ولئن سلم أن معاوية أمر سعدا رضي الله عن الجميع بالسب فأبى فليس هذا بقادح في واحد منهم رضي الله عنهم، فلقد كان بينهم ما هو أكبر من ذلك يوم صفين ولم يكن ذلك مما تنقص به رتبة واحد منهم عند أهل السنة والجماعة، بل هم يعتقدون أن ما جرى بين الصحابة من اقتتال وما دونه هم فيه معذورون، وإنما وقع منهم ما وقع باجتهاد، فاعتقد كل واحد منهم أنه مصيب، فالمصيب منهم له أجران والمخطئ له أجر وخطؤه مغفور، ومهما أخطأ المخطئ منهم فإن خطأه ليس شيئا بجنب ما له من الصحبة والنصرة والبذل في سبيل الدين وإعلاء كلمة الله تعالى، فعقيدة أهل السنة في الصحابة جميعا واضحة كل الوضوح لا لبس فيها بحمد الله، فهم يتولون جميع الصحابة ويعرفون للفاضل فضله ويكفون عما شجر بينهم ولا يقعون في أحد منهم.
قال شيخ الإسلام في الواسطية: ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم... ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم... ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم. ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة. ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره؛ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنهم خير القرون " وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم " ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه. فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور لهم؟ ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح. انتهى باختصار.
فإن رمت النجاة فتمسك بما كان عليه سلف الأمة وأئمتها وإياك والخوض في أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما معاوية رضي الله عنه فقد شهد له بحسن السيرة وأنه جدير بالخلافة كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن كثير منهم خير منه رضي الله عن الجميع، وأول من شهد له بذلك الحسن السبط رضي الله عنه فإنه نزل عن الخلافة له في عام الجماعة سنة إحدى وأربعين، وقد كانت كتائب العرب تحت لواء الحسن فما كان مقهورا ولا نزل عن الخلافة تقية. كيف وهو وأهل بيته من سادات الشجعان. وكان نزول الحسن عن الخلافةلمعاوية وحقنه لدماء المسلمين من أعظم فضائله، وكان تصديقا لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أنه سيد وأن الله يصلح به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين. فنزول الحسن عن الخلافة لمعاوية شهادة واضحة منه بأنه جدير بهذا الأمر خليق به، وقد كان في الصحابة من هو خير من معاوية بلا شك كسعد وابن عمر وأسامة بن زيد وآخرين، ولكن إمامة المفضول مع وجود الفاضل جائزة، وقد اجتمعت كلمة هؤلاء الأفاضل على بيعةمعاوية وأنه الجدير بهذا الأمر في هذا الوقت ولم ينازعه في هذا أحد منهم، نقل ابن كثيرعن الأوزاعي رحمه الله قوله: أَدْرَكَتْ خِلَافَةَ مُعَاوِيَةَ عِدَّةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ; مِنْهُمْ أُسَامَةُ، وَسَعْدٌ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ أَكْثَرُ مِمَّنْ سَمَّيْنَا بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى، وَأَوْعِيَةَ الْعِلْمِ، حَضَرُوا مِنَ الْكِتَابِ تَنْزِيلَهُ، وَأَخَذُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْوِيلَهُ ; وَمِنَ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، مِنْهُمُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ، وَفِي أَشْبَاهٍ لَهُمْ لَمْ يَنْزِعُوا يَدًا عَنْ مُجَامَعَةٍ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى.
وقال ابن حزمفبويع للحسن ثم سلم الأمر إلى معاوية، وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بلا خلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل، وكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية، ورأى إمامته. انتهى.
فالصحابة لم يبايعوا معاوية رضي الله عنه إلا وقد رأوا فيه شروط الإمامة متوفرة، ومنها العدالة، فمن يطعن في عدالة معاوية وإمامته فقد طعن في عدالة هؤلاء الصحابة جميعهم وخونّهم وتنقصهم. ومنهم بل على رأسهم الحسن السبط رضي الله عنه وجميع أهل البيت الطيبين. فمن رضيه هؤلاء لدينهم ودنياهم ألا نقبله ونرضى به نحن؟؟ ومن قال لعلهم بايعوا خوفا فقد اتهمهم بالجبن وعدم الصدع بالحق، وهم القوم المعلوم من سيرتهم الشجاعة والشهامة وعدم الخوف في الله لومة لائم.
وقد قال معاوية رضي الله عنه في بعض خطبه: أيها الناس ما أنا بخيركم, وإن منكم لمن هو خير مني, عبد الله بن عمر, وعبد الله بن عمرو, وغيرهما من الأفاضل, ولكن عسى أن أكون أنفعكم ولاية, وأنكاكم في عدوكم, وأدرككم حلبا. ذكره ابن كثير في البداية.
وثناء العلماء من الصحابة فمن بعدهم على معاوية رضي الله عنه كثير منتشر، وهو مما تضيق عنه هذه الفتوى المختصرة، ولكن عساك أن تنظر ترجمته رضي الله عنه في البدايةلابن كثير، وفي تاريخ الإسلام للذهبي وفي غيرهما من كتب التاريخ والتراجم. نسأل الله أن يرزقنا حسن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

No comments:

Post a Comment