Sunday, September 6, 2015

بيت معاوية في الجاهلية

- أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري ج 1  ص 278 : -
بيت معاوية في الجاهلية :
كان عتبة والد هند وشيبة أخوه من سادات قريش في الجاهلية .
أما أبو سفيان فقد كان ربعة من الرجال قصيرا دحداحا ويكنى أبا حنظلة بابنه الذي قتله علي يوم بدر ، وكان أيضا من سادات قريش في الجاهلية ، وعده محمد بن حبيب من زنادقة قريش الثمانية ( 17 ) ، وكان رأسا من رؤوس الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته ( 18 ) ، ومن الذين أجمعوا على منابذة رسول الله صلى الله عليه وآله وتعجيزه ( 19 ) ، وممن اجتمعوا على أبي طالب يخاصمونه في حمايته لرسول الله صلى الله عليه وآله ( 20 ) ، وممن حضر دار الندوة حين اجتمعوا فيها يتشاورون على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وتعاهدوا على ذلك ( 21 ) ، ومن بعد هجرة المسلمين إلى المدينة عدا على بعض دورهم بمكة فباعها ، وفي السنة الثانية من الهجرة
 ( 17 ) المحبر ص 161 .
( 18 ) الاغاني 6 / 343 344 .
( 19 ) سيرة ابن هشام 1 / 315 318 .
( 20 ) سيرة ابن هشام 1 / 276 279 ، و 2 / 26 28 .
( 21 ) سيرة ابن هشام 2 / 92 95 . ( * )
 

- ج 1  ص 279 -
عندما رجع أبو سفيان بتجارة قريش من الشام وخرج النبي يعترضه ، استصرخ أهل مكة فخرجوا وحاربوا النبي على ماء بدر ، فقتل فيها من بني عبد شمس ثمانية ، وفيهم حنظلة بن أبي سفيان وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة خال معاوية ، وقتل ستة من حلفائهم ، وأسر منهم سبعة فيهم عمرو بن أبي سفيان ( 22 ) ، فعدا أبو سفيان على شيخ من الانصار ذهب إلى مكة معتمرا ، فحبسه بابنه عمرو ، وكانت قريش قبل ذلك لا تعترض لاحد جاء حاجا أو معتمرا ، فأطلق المسلمون ابنه عمرا فخلى هو سبيل الشيخ المعتمر ( 23 ) .

ومن بعد غزوة بدر أصبح أبو سفيان سيد مكة الوحيد ، وزعيم قريش في حربها وسلمها ، ونذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا ، فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه حتى نزل في يهود بني النضير ، واستخبر منهم، وأرسل رجالا إلى ناحية من المدينة فحرقوا بها بعض النخيل، وقتلوا رجلين وجدوهما هناك وانصرفوا ( 24 ).
أما هند فقد أكثرت من رثاء أبيها عتبة وعمها شيبة وبقية أفراد أسرتها من الذين قتلوا ببدر محرضة قومها على طلب الثأر ( 25 ) .
وصلت تجارة قريش إلى مكة بعد أن قتل في سبيلها سبعون منهم ببدر وأسر سبعون فقرر أبو سفيان ومن كان له في تلك العير تجارة أن ينفقوها في حرب رسول الله صلى الله عليه وآله .
فنزلت فيهم : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ
 ( 22 ) سيرة ابن هشام 2 / 355 364 ونسب قريش
( 126 ) وفيه ليس له عقب .
( 23 ) سيرة ابن هشام 2 / 295 .
( 24 ) سيرة ابن هشام 2 / 422 423 .
( 25 ) سيرة ابن هشام 2 / 424 416 . ( * ) 
 

- ج 1  ص 280 -
يُحْشَرُونَ ) ( 26 ) .
فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وآله حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير وخرج أبو سفيان وهو قائد الناس معه هند بنت عتبة ، وكانت هند كلما مرت بوحشي أو مر بها، قالت : ويها أبا دسمة اشف واشتف ( 27 ).

وفي يوم أحد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء : يا بني عبدالدار ! إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر ، فأصابنا ما قد رأيتم ، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم ، فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه . فقالوا : نحن نسلم إليك لواءنا ! ؟ ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع ؟ وذلك ما أراد أبو سفيان .
فلما التقى الناس ودنا بعضه من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها ، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم وتقول هند :
ويها بني عبدالدار * ويها حماة الادبار ضربا بكل بتار ( * )
وتقول : نحن بنات طارق * إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق ( * ) ورآها أحد الأنصار تحرض الناس تحريضا شديدا ، فعلاها بالسيف ، ثم كف عنها لما وجد أنها امرأة .
ثم قتل وحشي حمزة : عم النبي . ووقعت هند والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول
 ( 26 ) الآية 36 من سورة الأنفال .
( 27 ) كان وحشي غلام جبير بن مطعم يكنى بأبي دسمة .
( * ) " ويها " : كلمة تحريض واغراء ، و " حماة الادبار " : الذين يحمون عقاب الناس ، و " البتار " بتشديد التاء : السيف القاطع ، و " بني عبدالدار " : حملة راية المشركين في بدر وأحد .
( * ) " النمارق " جمع نمرقة : الوسادة الصغيرة و " الوامق " المحب . ( * ) 
 

- ج 1  ص 281 -
الله صلى الله عليه وآله يجد عن الآذان والأنف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا ، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ( * ) ، ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت :
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر ( * )
ما كان عن عتبة لي من صبر * ولا أخي وعمه وبكري ( 28 )
شفيت نفسي وقضيت نذري * شفيت وحشي غليل صدري ( * )
فشكر وحشي علي عمري * حتى ترم أعظمي في قبري ( * )
فأجابتها هند بنت اثاثة بن عباد بن المطلب ، فقالت : ( 29 )
خزيت في بدر وبعد بدر * يا بنت وقاع عظيم الكفر ( * )
صبحك الله غداة الفجر * ملهاشميين الطوال الزهر ( * )
بكل قطاع حسام يفري * حمزة ليثي وعلي صقري ( * )
 ( * ) " يجد عن الانف " يقطعنها و " الخدم " واحدها الخدمة : الخلخال و " القرطة " واحدها القرط : ما يعلق في شحمة الاذن ، و " بقرت " : شقت ، و " لاكتها " : مضغتها و " تسيغها " : تبلعها ، و " لفظتها " : طرحتها من فمها .
( * ) " سعر " : في هذا البيت بضمة وسكون رعاية لوزن الشعر وهي في الاصل بضمتين جمع سعير وهي اللهيب .
( 28 ) " عتبة " أبوها ، و " أخوها " الوليد ، و " عمه " أي عم أخيها : شيبة بن ربيعة ، و " بكرها " : حنظلة بن أبي سفيان وإنهم قتلوا جميعا ببدر ، وكانت ام حنظلة بن أبي سفيان وشقيقتاه أم حبيبة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله ، وأميمة : صفية بنت أبي العاص بن امية بن عبد شمس ، راجع نسب قريش ص 123 124 ، وإنما قالت بكري لانه كان بكر أبي سفيان .
( * ) " الغليل " : العطش وحرارة الجوف .
( * ) " ترم " : تبلى وتتفتت .
( 29 ) هند بنت أثاثة كانت من اللواتي أسلمن بمكة ترجمتها في أسد الغابة 5 / 559 .
( * ) " الوقاع " : الكثير الوقوع في الدنيا .
( * ) " ملهاشميين " : مخفف من الهاشميين .
( * ) " حسام يفري " : سيف يقطع . ( * ) 
 

- ج 1  ص 282 -
إذ رام شيب وأبوك غدري * فخضبا منه ضواحي النحر ( * )
ونذرك السوء فشر نذر ( 30 ) ومر الحليس ، سيد الاحابيش بأبي سفيان وهو يضر في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول ذق عقق ، فقال : يا بني كنانة ! هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما فقال : ويحك اكتمها عني فإنها زلة ( 31 ) .
ثم إن أبا سفيان أشرف على الجبل ، وصرخ بأعلى صوته فقال : أنعمت فعال ، إن الحرب سجال يوم بيوم بدر ، أعل هبل أي أظهر دينك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أجيبوه " الله أعلى وأجل " ثم قال أبو سفيان : ألا لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أجيبوه : " الله مولانا ولا مولى لكم " ( * ) .
ولما انصرف نادى : إن موعدكم بدر للعام القابل ، فقال رسول
 ( * ) " شيب " : تقصد به شيبة عم هند ، و " ضواحي " : ما ظهر من الصدر .
( 30 ) قال ابن هشام تركنا منها ثلاث أبيات أقذعت فيها .
( 31 ) " الحليس " هو ابن علقمة بن عمرو بن الارقم الكناني ، راجع الجمهرة ص 177 و " الاحابيش " الذين حالفوا قريشا هم بنو المصطلق سعد بن عمرو وبنو الهون بن خزيمة اجتمعوا بذنبة حبشي ، وهو جبل بأسفل مكة فتحالفوا بالله : انا ليد على غيرنا ما سجى ليل ووضح نها ومارسا حبشي مكانه فسموا أحابيش باسم الجبل . عيون الاثر 1 / 25 ، والى " كنانة " ينتهي نسب قريش وحلفائها . راجع جمهرة أنساب العرب ص 89 179 فان قريشا هو فهر بن مالك بن النظر بن كنانة بن خزيمة ، وبنو ليث هم ولد بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة والقارة هم بنو الهون بن خزيمة و " زج الرمح " الحديدة التي في أسفلها . و " عقق " بضم ففتح : العاق " لحما " يعني بعد أن أصبح لحما .
( * ) " الفعال " الفعل الحسن و " الحرب سجال " : تارة لهم واخرى عليهم و " هبل " كان أعظم الاصنام وكان على بئر في جوف الكعبة وكان من عقيق أحمر على صورة انسان أدركته قريش ويده مكسورة فجعلوا له يدا من ذهب وأول من نصبه خزيمة ، الاصنام لابن الكلبي ص 27 و 28 وابن هشام 1 / 86 و " العزى " بضم العين وتشديد الزاي كانت أعظم الاصنام عند قريش وبني كنانة ، وكانت بواد على مسيرة ليلتين من مكة يقال لها مخلة ، الاصنام لابن الكلبي ص 18 19 وسيرة ابن هشام 1 / 88 و 4 / 64 . ( * )
 

- ج 1  ص 283 -
الله صلى الله عليه وآله لرجل من أصحابه : " قل : نعم هو بيننا وبينكم موعد " . ثم إن أبا سفيان بعد انصرافه يوم أحد بدا له الرجوع إلى المدينة ليستأصلوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج لملاقاتهم فجبنوا ورجعوا أدبارهم ( 32 ) .

وقالت هند أيضا :
شفيت من حمزة نفسي بأحد * حين بقرت بطنه عن الكبد
أذهب عني ذاك ما كنت أجد من لذعة الحزن الشديد المتقد
 ( * )
والحرب تعلوكم بشؤبوب برد * نقدم إقداما عليكم كالاسد ( * )
وقال عمر بن الخطاب لحسان بن ثابت : يا ابن الفريعة ( 33 ) ! لو سمعت ما تقول هند ورأيت أشرها قائمة على صخرة ترتجز بنا وتذكر ما صنعت بحمزة .
قال حسان : أسمعني بعض قولها أكفيكموها ، فأنشد عمر بعض ما قالت ، فقال حسان بن ثابت :
 ( 32 ) إلى هنا لخصنا ما أوردنا عن غزوة أحد من سيرة ابن هشام 3 / 3 56 وقد وردت أبيات هند بنت أبي سفيان وجواب هند عليها في ترجمتها بالاصابة ( 4 / 407 ) .
( * ) اللذعة : ألم النار أو ما يشبهها .
( * ) " الشؤيوب " الدفعة من المطر و " برد " بفتحتين : ماء الغمام يتجمد في الهواء البارد ويسقط على الارض حبوبا . تقول : الحرب تعلوكم كالدفعة العظيمة من المطر الغزير المصحوب بالثلج .
( 33 ) حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام ، وأمه الفريعة بنت خالد بن خنيس ، وأبواه أنصاريان خزرجيان ويكنى أبا الوليد وأبا عبد الرحمن وأبا الحسام لمناظلته عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكان النبي صلى الله عليه وآله ينصب له منبرا في المسجد يقوم عليه قائما ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ان الله يؤيد حسانا بروح القدس ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وآله . وأمره أن يذهب إلى أبي بكر ويتعلم منه أنساب قريش ، فكان يذهب إلى أبي بكر فيقول له أبو بكر : كف عن فلانة وفلانة واذكر فلانة وفلانة ، فجعل يهجوهم فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا : هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة . عمر حسان مائة وعشرين سنة وتوفي على الاصح قبل سنة أربعين . الاستيعابص 125 129 الترجمة 523 وأسد الغابة 2 / 4 7 ( * ) 
 

- ج 1  ص 284 -
أشرت لكاع وكان عادتها * لؤما إذا أشرت مع الكفر ( * )
قال ابن هشام : وهذا البيت في أبيات له تركناها وأبياتا أيضا له على الدال وأبياتا أخر على الذال ، لانه أقذع فيها ، انتهى .
وقد أوردها الطبري بعد هذا البيت هكذا ( 34 ) .
 أ - لعن الاله وزوجها معها * هند الهنود طويلة البظر
 ب - أخرجت مرقصة إلى أحد * في القوم مقتبة على بكر
 ج - بكر ثفال لا حراك به * لا عن معاتبة ولا زجر
 د - وعصاك إستك تتقين به * دقي العجاية هند بالفهر
 ه‍ - قرحت عجيزتها ومشرجها * من دأبها نصا على القتر 
 و - ضلت تداويها زميلتها * بالماء تنضحه وبالسدر
 ز - أخرجت ثائرة مبادرة * بأبيك وابنك يوم ذي بدر
 ح - وبعمك المسلوب بزته * وأخيك منعفرين في الجفر
 ط - ونسيت فاحشة أتيت بها * يا هند ويحك سبة الدهر
 ي - فرجعت صاغرة بلا ترة * منا ظفرت به ولا نصر
 ك - زعم الولائد أنها ولدت * ولدا صغيرا كان من عهر
وأما الأبيات التي قالها على الدال فقد وردت في ديوان حسان هكذا ( 35 ) :
 ( * ) " الاشر " أشد البطر و " لكاع " اللئيمة ، ويقال : للرجال يالكع بضم ففتح ولا تستعملها العرب في غير النداء .
( 34 ) الطبري 3 / 23 24 وديوان حسان ط . أوربا ص 87 وشرحه ط . مصر ص 229 230 والاغاني ط . ساسي 14 / 16 21 .
 ب " مقتبة على بكر " أي شادة الرحل على إبل فتى .
 ج ثفال : البطئ الذي لا ينبعث الا كرها أي بطئ لا حركة له لا عن زجر ولا حث .
 ط وك يقصد بهما ما كانت ترمى به من العهر والفجور . راجع قبله . الفهر : الحجر مل‌ء الكف .
( 35 ) ديوان حسان ط . أوربا ص 91 ، ط مصر شرح البرقوقي ص 157 158 .
 أ البطحاء : أصله المسيل الواسع فيه دقاق الحصاة . ويقصد بالبطحاء هنا بطحاء 
=>
 

- ج 1  ص 285 -
وقال لهند بنت عتبة بن ربيعة :
 أ - لمن الصبي بجانب البطحاء * في الترب ملقى غير ذي مهد
 ب - نجلت به بيضاء آنسة * من عبد شمس صلتة الخد
 ج - تسعى إلى " الصياح " معولة * يا هند إنك صلبة الحرد
 د - فإذا تشاء دعت بمقطرة * تذكي لها بألوة الهند
 ه‍ - غلبت على شبه الغلام وقد * بان السواد لحالك جعد
 و - أشرت لكاع وكان عادتها * رق المشاش بناجذ جلد
وقال أيضا يهجوها ( 36 ) .
 => مكة ، ومهد الصبي : موضعه الذي يمهد له لينام ، وفي الذكر : " من كان في المهد صبيا " .
 ب " نجلت به " : ولدته ، والنجل : النسل والولد ، و " آنسة " طيبة الحديث وقيل : جارية آنسة ، إذا كانت طيبة النفس تحب قربك وحديثك و " صلتة الخد " ملساء الخد .
 ج " الصياح " بالصاد المفتوحة والياء المشددة وفي نسخة " الصباح " بالصاد المفتوحة والباء الموحدة : مولى كان لعمارة بن الوليد كانت هند ترمى به وكان أجيرا لابي سفيان و " صلبة الحرد " شديدة الغيظ .
 د " بمقطرة " المقطرة : المجمرة من القطر وهو العود الذي يتبخر به
 و " تذكي لها بألوة الهند " توقد لها بالعود الهندي الذي يتبخر به .
 ه‍ يقول ان وليدها أشبه بها ، وان كان قد ظهر سواد الصياح في شعره الاسود المجعد . وأشرت لكاع سبق تفسير و " المشاش " كل عظم لامخ فيه و " الناجذ " أحد النواجذ وهي الاضراس .
( 36 ) هكذا ورد في ديوان حسان ط . أوربا ص 91 ، وفي شرحه ط . مصر ص 158 159 ، وفي شرح النهج 3 / 387 ورد البيت الخامس بعد البيت الثاني هكذا : يظل يرجمه الصبيان منعفرا * وخاله وأبوه سيدا النادي
 أ " أجياد " موضع بمكة وقد كثر في الشعر وقيل : إنه مما يلي " الصفا " قال الاعشي : ولا جعل الرحمن بيتك في الذرا * بأجياد غربي الصفا والمحطم
 ب تمخض المرأة : أخذها الطلق ووجع الولادة و " القوابل " جمع قابلة و " الجنة " اسم الجن .
 ج " أياد " من الايد : القوة أو الشدة .
 د تقول " وهنا " أي ضعفا وفي التنزيل " حملته أمه وهنا على وهن "
 و " الشول " جمع شائلة وهي من النوق ما خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها سبعة أشهر أو ثمانية من يوم نتاجها . 
=>
 

- ج 1  ص 286 -
 أ - لمن سواقط صبيان منبذة * باتت تفحص في بطحاء أجياد
 ب - باتت تمخض ما كانت قوابلها * إلا الوحوش وإلا جنة الوادي
 ج - فيهم صبي له أم لها نسب * في ذروة من ذرى الاحساب أياد
 د - تقول وهنا وقد جد المخاض لها * يا ليتني كنت أرعى الشول للغادي
 ه‍ - قد غادروه لحر الوجه منعفرا * وخالها وأبوها سيدا النادي
وقد أورد ابن هشام نيفا وثلاثين قصيدة للمشركين والمسلمين ، فيها وصف هذه الواقعة ، وذكر أبي سفيان وما فعلته هند ( 37 ) .
وفي شعبان سنة أربع من الهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بدر لميعاد أبي سفيان .
وخرج أبو سفيان في أهل مكة ، ثم بدا له في الرجوع فقال : يا معشر قريش ! إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب وإن عامكم هذا عام جدب ، وإني راجع فارجعوا فرجع الناس ( 38 ) .
 
ثم استعدت قريش لحرب رسول الله وحزبت الأحزاب من حلفائها واليهود الذين كانوا حول المدينة فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد حفر خندقا حول المدينة فجاءت قريش وحلفاؤها حتى حاصرت المدينة قريبا من شهر وكان ذلك في شوال سنة خمس من الهجرة وقتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود مبارزة وخافت اليهود ، فلم تشترك في الحرب واشتد البرد والريح على قريش ، فخطب فيهم أبو سفيان وقال :
يا معشر قريش ! إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ( * ) ، وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار ، ولا يستمسك لنا بناء ، فارتحلوا فإني مرتحل . فارتحلوا في ليلتهم تلك من المدينة راجعين إلى
 => ه‍ " حر الوجه " : الخد أو ما أقبل عليك منه و " منعفرا " : متمرغا في التراب .
( 37 ) راجع سيرة ابن هشام 3 / 56 159 ، وديوان حسان .
( 38 ) راجع سيرة ابن هشام 3 / 221 222 . وتاريخ اليعقوبي 2 / 53 .
( * ) " الكراع " : النخيل ، و " الخف " : الإبل . ( * ) 
 

- ج 1  ص 287 -
مكة ( 39 ) .
ولما عاهد رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا يوم الحديبية ونقضت العهد بعد ذاك جاء أبو سفيان إلى المدينة ليجدد العهد ، فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وآله وجاء إلى علي أخيرا وقال له : يا أبا الحسن ! إني أرى الامور قد اشتدت علي فانصحني . قال : والله لا أعلم لك شيئا يغني عنك شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك . قال : أو ترى ذلك مغنيا عني شيئا ، قال : لا والله ما أظنه ولكني لا أجد لك غير ذلك ، فقام أبو سفيان إلى المسجد ، فقال : يا أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق ( 40 ) .
فهو إذن لم يكن سيد قريش في الجاهلية فحسب ، وإنما كان سيد قريش وسائر قبائل كنانة في حربها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلمها ، واستمرت له هذه السيادة حتى فتح مكة حيث كسر النبي صلى الله عليه وآله سيادته مع كسره أصنام قريش .

وكان من خبره في فتح مكة ما ذكره ابن هشام وغيره قالوا ( 41 ) : إن النبي لما قرب من مكة ركب العباس بلغة النبي وخرج يطلب أحدا يرسله إلى قريش ليأتوا إلى النبي ويستأمنوه ، فأدرك ثلاثة من قريش ، فيهم أبو سفيان خرجوا يتجسسون ، فقال العباس لأبي سفيان : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فأردفه خلفه وأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله ليستأمن له ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : " ويحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟ " .
قال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! ؟ والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد .
 ( 39 ) سيرة ابن هشام 3 / 229 251 .
( 40 ) سيرة ابن هشام 4 / 12 14 .
( 41 ) سيرة ابن هشام 4 / 3 32 والاستيعاب 2 ك 1678 1679 . ( * )
 

- ج 1  ص 288 -
قال : و " يحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ " .
قال : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! أما هذه والله فإن في النفس حتى الآن منها شيئا ! فقال له العباس : ويحك أسلم قبل أن تضرب عنقك .
فشهد ، وأسلم ثم سأل له العباس رسول الله صلى الله عليه وآله : أن يؤمن من دخل داره ، وقال : إنه رجل يحب الفخر والذكر ، فأسعفه رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك وقال : " نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه على نفسه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن " .
وقال للعباس : " احبسه بمضيق الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها " ففعل : ومرت القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال : يا عباس من هذا ؟ فيقول " سليم " فيقول : ما لي ولسليم حتى نفدت القبائل ، وما تمر قبيلة حتى يسأله عنها فإذا أخبره قال : مالي ولبني فلان ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار ، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد فقال : من هؤلاء قال : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار قال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما ، قال : يا أبا سفيان إنها النبوة . قال : فنعم إذن .
ثم خلى العباس سبيله ، فذهب حتى دخل المسجد وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ! هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .
فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت : اقتلوا هذا الحميت الدسم الاحمس ( * ) ، قبح من طليعة قوم .
قال : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم مالا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .
قالوا : قاتلك الله وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرق الناس
 ( * ) " الحميت " : زق السمن ، و " الدسم " : الكثير الودك ، و " الاحمس " : الشديد اللحم . شبهت هند أبا سفيان بزق السمن لسمنه . 

- ج 1  ص 289 -
إلى دورهم وإلى المسجد ( 42 )
ودخل رسول الله مكة وجاء حتى قام على باب الكعبة وقال بعد خطبته لقريش : يا معشر قريش ! ما ترون أني فاعل فيكم قالوا : خيرا . أخ كريم وابن أخ كريم . قال : فاذهبوا فأنتم الطلقاء .
وهذا القول وإن كان في يومه منحة كريمة من النبي لهم غير أنه أصبح بعد ذلك سبة عليهم وعلى أولادهم أبد الدهر ، فإنهم أصبحوا عتقاء رسول الله يعيرهم بذلك غيرهم .
 
 ( 42 ) كان قول رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي سفيان من دخل دار أبي سفيان فهو آمن مع قوله من دخل داره فهو آمن كقول علي له : قم وأجر بين الناس وانصرف ، الاستيعاب ص 689 . 

 

No comments:

Post a Comment